Abstract:
هدف هذا البحث إلى التعرف على منهجية تعليل الأحكام الشرعية في الاجتهادات المعاصرة، فظهور قضايا فقهية معاصرة يجعل الباحث يضطر إلى ذكر أهمية العناية بالتعليل الصحيح لأحكام الله تعالى للتوصل إلى إيجاد حكم شرعي لمثل تلك النوازل لأن الخطأ في التعليل كالخطأ في المقدمة المؤدي إلى نتيجة خاطئة. وقد أدرك الصحابة الكرام أهميته، فجعلوه مسلكاً من مسالك فهم مقصد الشارع الحكيم. ومما يدل على أهمية الإلمام بمسألة تعليل الأحكام، علاقته الوطيدة بالاجتهادات المعاصرة، والتي تعتمد على اعتبار المقاصد والمصالح الشرعيتين ميزاناً ومعياراً لاستنباط الأحكام الشرعية ،والطامة الكبرى وجود أناس لا يتورعون في دينهم، ويتجرأون على دين الله وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، لأنهم يعدُّون مثل تلك الجرأة نوعاً من التحرر من قيود الماضي الدفين، إذ يجب في نظر هؤلاء إعادة النظر في هذه النصوص، وإيجاد تفسير- لها - يواكب معطيات الحضارة الحديثة، الأمر الذي دفعهم إلى تعليل بعض أحكام الله بعلل موهومة، وبالتالي استنبطوا للناس-باسم الحداثة- أحكاماً مخالفة لمقصود الشارع الحكيم ، ويورد الباحث في هذا البحث تعريفاً للتعليل مع ذكر أمثلة لنصوص وردت معللة ومنهجية التعليل في الاجتهادات المعاصرة. وذلك في خمس مباحث ، حيث يتناول في المبحث الأول الإطار العام للبحث وفي المبحث الثاني تعريف التعليل لغة واصطلاحاً و في المبحث الثالث أمثلة التعليل في القرآن والسنة وفي المبحث الرابع منهجية التعليل في الاجتهادات المعاصرة وفي المبحث الخامس خاتمة البحث وتشمل ملخص نتائج البحث والتوصيات وقد توصل البحث إلى عدة نتائج يتمثل في أن أعداءنا يمكرون بنا الليل والنهار ليبثوا شبهاتهم الماكرة لكي يحرفونا عن حقيقة الإسلام، وما كان لهذه الشبهات أن تثار لو أن الناس كانوا على فهم حقيقي لشريعة الإسلام وكذلك يطلق التعليل على بيان علل الأحكام الشرعية وكيفية استنباطها، للتوصل إلى معرفة حكم حادثة لم ينص على حكمها بطريق القياس وأيضاً الاجتهاد في القضايا المعاصرة أصبح ضرورة شرعية، وبذلك تظهر شمولية الإسلام وعالميته، فشريعتنا تملك آليات تُمكِّنُهَا من مواكبة كل جديد، مع إيجاد حكم شرعي لكل نازلة وكذلك حديث"إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر" لا يعني فتح الطريق أمام كل من هب ودب ليقول في دين الله تعالى ما شاء متى شاء وكيف شاء، بل الحديث ورد في حق من كان أهلاً للاجتهاد وكذلك بيان أثر الحداثة والعلمانية في ترويج الثقافات الغربية المخالفة لتعاليم الإسلام، فهم يرون الحرية في حق التعبير عن الرأي بلا قيود، فالنصوص الشرعية قابلة للنقد لديهم، فحَكَّمُوا العقولَ وقدموها على النقول. ولقد عرف أعداء الإسلام من أين تؤكل الكتف، فغزوا أفكار بعض إخواننا وجندوهم لينفذوا مخططاتهم وذلك بتعليل الأحكام الشرعية تعليلاً باطلاً. لذا تجد الحداثيين في مقدم صفوف الداعين إلى الحرية المطلقة، وفصل الدين عن سياسة الدولة، فالدين يمارس في دور العبادة، وتناسوا قول الله تعالى: ]قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[، وأيضاً يُعَدُّ الغرب بمنظماته وعملائه العلمانيين أكبر مهدد للنظام الإسلامي ، وينفق أموالاً كثيرة لدعم حركة تعليل الأحكام تعليلاً باطلاً، وهذا الذي يؤكد وجود أجندة خفية وراء برامج تلك المنظمات، وقد توصل البحث إلى عدة توصيات تتمثل في: أولاً نوصي جميع أفراد الأمة الإسلامية بضرورة تغيير هذا المنكر الكبير المتمثل في تعطيل تحكيم الشريعة تعليلاً خاطئاً ، وإحلال حكم الله في الأرض بالتعليل الصحيح لأحكام الشريعة في الاجتهادات المعاصرة ليتحقق في المجتمع كل معاني الأمن والسلام والاستقرار والبناء الحضاري ، وثانياً نوصي الباحثين المسلمين بضرورة تناول موضوع (تعليل أحكام الشريعة) بالبحث والاستقصاء ونشر أبحاثهم في كافة أنحاء العالم الإسلامي ، وثالثاً ضرورة توسيع وتعميق البحث فيما يتعلق بالاجتهاد في النوازل ، وتحديد ما يدخل في المصالح والمقاصد الشرعية وما لا يدخل فيها، ثم تقديمها إلى السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية من أجل مواجهة جميع القضايا المعاصرة، ورابعاً ضرورة إيجاد منظمات إسلامية تموَّلُ من قبل الدول الإسلامية، لتحل محل المنظمات الغربية، التي تستغل فرصة تقديم المعونات إلى مجتمعات إسلامية - خصوصاً الدول الفقيرة- لتنشر فيها أفكارها وتنفذ مخططاتها عبر تعليل الأحكام الشرعية تعليلاً باطلاً .